فصل: قال الألوسي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال أبو السعود:

{قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بواحدة} أي ما أُرشدكم وأنصح لكم إلا بخصلة واحدة هي ما دل عليه قوله تعالى: {أَن تَقُومُواْ لِلَّهِ} على أنَّه بدلٌ منها أو بيانٌ لها أو خبر مبتدأ محذوفٍ أي هي أن تقومُوا من مجلس رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أو تنتصبُوا للأمرِ خالصًا لوجهِ الله تعالى معرضًا عن المُماراةِ والتَّقليدِ {مثنى وفرادى} أي متفرِّقين اثنينِ اثنين وواحدًا واحدًا فإنَّ الازدحامَ يُشوش الأفهامَ ويخلطُ الأفكار بالأوهامِ وفي تقديمِ مَثْنى إيذانٌ بأنَّه أوثقُ وأقربُ إلى الاطمئنانِ {ثُمَّ تَتَفَكَّرُواْ} في أمرِه عليه الصلاة والسلام وما جاء به لتعلمُوا حقيقتَه وحقِّيتَه وقوله تعالى: {مَا بصاحبكم مّن جِنَّةٍ} استئنافٌ مسوقٌ من جهتِه تعالى للتَّنبيه على طريقةِ النَّظر والتَّأملِ بأنَّ مثلَ هذا الأمرِ العظيمِ الذي تحتَه ملك الدُّنيا والآخرةِ لا يتصدَّى لادِّعائِه إلا مجنونٌ لا يُبالي بافتضاحِه عند مطالبته بالبُرهان وظهور عجزهِ، أو مؤيَّدٌ من عندِ الله مرشَّح للنُّبوةِ واثق بحجَّتهِ وبرهانه وإذ قد علمتُم أنَّه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ أرجحُ العالمين عقلًا وأصدقُهم قولًا وأنزههم نفسًا وأفضلُهم علمًا وأحسنُهم عملًا وأجمعُهم للكمالاتِ البشريَّةِ وجبَ أنْ تصدِّقُوه في دعواهُ فكيف وقد انضمَّ إلى ذلك معجزاتٌ تخرُّ لها صمُّ الجبالِ. ويجوزُ أن يتعلَّق بما قبلَه على معنى ثم تتفكَّروا فتعلموا ما بصاحِبكم من جنَّةٍ وقد جُوِّز أن تكون ما استفهاميةً على معنى ثم تتفكَّروا أي شيء به من آثارِ الجنونِ {إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَّكُمْ بَيْنَ يَدَىْ عَذَابٍ شَدِيدٍ} هو عذابُ الآخرةِ فإنَّه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ مبعوثٌ في نَسَمِ السَّاعةِ.
{قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مّن أَجْرٍ} أي أيُّ شيءٍ سألتُكم من أجرٍ على الرِّسالة {فَهُوَ لَكُمْ} والمرادُ نفيُ السُّؤالِ رأسًا كقولِ مَن قال لمن لم يُعطه شيئًا إنْ أعطيتني شيئًا فخُذه وقيل مَا موصولةٌ أُريد بها ما سألهم بقوله تعالى: {مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلاَّ مَن شَاء أَن يَتَّخِذَ إلى رَبّهِ سَبِيلًا} وقولِه تعالى: {لاَّ أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ المودة في القربى} واتخاذ السَّبيلِ إليه تعالى منفعتهم الكُبرى وقُرباه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ قرباهم {إِنْ أَجْرِىَ إِلاَّ عَلَى الله وَهُوَ على كُلّ شيء شَهِيدٍ} مطَّلع يعلمُ صدقي وخلوصَ نيتَّي وقُرىء إن أجريْ بسكونِ الياء {قُلْ إِنَّ رَبّى يَقْذِفُ بالحق} أي يُلقيه ويُنزله على من يجتبيهِ من عبادِه أو يرمي به الباطلَ فيدمغُه أو يرمي به في أقطارِ الآفاقِ فيكون وعدًا بإظهارِ الإسلامِ وإعلاء كلمةِ الحقِّ {علام الغيوب} صفةٌ محمولةٌ على محلِّ إنَّ واسمِها أو بدلٌ من المستكنِّ في يقذفُ أو خبرٌ ثانٍ لأنَّ أو خبرُ مبتدأٍ محذوفٍ. وقُرىء بالنَّصبِ صفة لربِّي أو مقدَّرًا بأعنِي وقُرىء بكسرِ الغَين وبالفتحِ كصبور مبالغةُ غائب {قُلْ جَاء الحق} أي الإسلامُ والتَّوحيدُ {وَمَا يُبْدِىء الباطل وَمَا يُعِيدُ} أي زهقَ الشِّركُ بحيث لم يبقَ أثرُه أصلًا مأخوذُ من هلاكِ الحيِّ فإنَّه إذا هلكَ لم يبقَ له إبداء ولا إعادةٌ فجُعل مَثَلًا في الهلاكِ بالمرَّة ومنْهُ قولُ عُبيْدٍ:
أَقْفرَ مِن أَهْلِه عُبيد ** فليسَ يُبدي وَلاَ يُعيدُ

وقيل الباطلُ إبليسُ أو الصَّنُم والمعنى لا يُنشىء خلقًا ولا يُعيد أو لا يُبدىء خيرًا لأهلِه ولا يُعيد وقيل ما استفهاميِّةٌ منصوبةٌ بما بعدَها. اهـ.

.قال الألوسي:

{قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بواحدة} أي ما أرشدكم وأنصح لكم إلا بخصلة واحدة وهي على ما قال قتادة ما دل عليه قوله تعالى: {أَن تَقُومُواْ لِلَّهِ} على أنه في تأويل مصدر بدل منها أو خبر مبتدأ محذوف أي هي قيامكم أو مفعول لفعل محذوف أي أعني قيامكم، وجوز الزمخشري كونه عطف بيان لواحدة.
واعترض بأن {أَن تَقُومُواْ} معرفة لتقديره بقيامكم وعطف البيان يشترط فيه عند البصريين أن يكون معرفة من معرفة وهو عند الكوفيين يتبع ما قبله في التعريف والتنكير والتحالف مما لم يذهب إليه ذاهب.
والظاهر أن الزمخشري ذاهب إلى جواز التخالف، وقد صرح ابن مالك في التسهيل بنسبة ذلك إليه وهو من مجتهدي علماء العربية، وجوز أن يكون قد عبر بعطف البيان وأراد البدل لتآخيها وهذا إمام الصناعة سيبويه يسمى التوكيد صفة وعطف البيان صفة، ثم إن كون المصدر المسبوك معرفة أو مؤولًا بها دائمًا غير مسلم، والقيام مجاز عن الجد والاجتهاد، وقيل هو على حقيقته والمراد القيام عن مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس بذاك، وقد روى نفي إرادته عن ابن جريج أي إن تجدوا وتجتهدوا في الأمر بإخلاص لوجه الله تعالى: {مثنى وفرادى} أي متفرقين اثنين اثنين وواحدًا واحدًا فإن في الازدحام على الأغلب تهويش الخاطر والمنع من الفكر وتخليط الكلام وقلة الانصاف كما هو مشاهد في الدروس التي يجتمع فيها الجماعة فإنه لا يكاد يوقف فيها على تحقيق وفي تقديم مثنى إيذان بأنه أوثق وأقرب إلى الاطمئنان، وفي البحر قدم لأن طلب الحقائق من متعاضدين في النظر أجدى من فكرة واحدة فإذا انقدح الحق بين الإثنين فكر كل واحد منهما بعد ذلك فيزيد بصيرة وشاع الفتح بين الإثنين {ثُمَّ تَتَفَكَّرُواْ} في أمره صلى الله عليه وسلم وما جاء به لتعلموا حقيقته، والوقف عند أبي حاتم هنا، وقوله تعالى: {مَا بصاحبكم مّن جِنَّةٍ} استئناف مسوق من جهته تعالى للتنبيه على طريقة النظر والتأمل بأن مثل هذا الأمر العظيم الذي تحته ملك الدنيا والآخرة لا يتصدى لادعائه إلا مجنون لا يبالي بافتضاحه عند مطالبته بالبرهان وظهور عجزه أو مؤيد من عند الله تعالى مرشح للنبوة واثق بحجته وبرهانه وإذ قد علمتم أنه عليه الصلاة والسلام أرجح الناس عقلًا وأصدقهم قولًا وأذكاهم نفسًا وأفضلهم علمًا وأحسنهم عملًا وأجمعهم للكمالات البشرية وجب أن تصدقوه في دعواه فكيف وقد انضم إلى ذلك معجزات تخر لها صم الجبال، والتعبير عنه عليه الصلاة والسلام بصاحبكم للإيماء إلى أن حاله صلى الله عليه وسلم مشهور بينهم لأنه نشأ بين أظهرهم معروفًا بما ذكرنا، وجوز أن يكون متعلقًا بما قبله والوقف على {جَنَّةُ} على أنه مفعول لفعل علم مقدر لدلالة التفكر عليه لكونه طريق العلم أي ثم تتفكروا فتعلموا ما بصاحبكم من جنة أو معمول لتتفكروا على أن التفكر مجاز عن العلم أو معمول له بدون ارتكاب تجوز بناء على ما ذهب إليه ابن مالك في التسهيل من أن تفكر يعلق حملًا على أفعال القلوب، وجوز أن يكون هناك تضمين أي ثم تتفكروا عالمين ما بصاحبكم من جنة، وقال ابن عطية: هو عند سيبويه جواب ما ينزل منزلة القسم لأن تفكر من الأفعال التي تعطي التمييز كتبين وتكون الفكرة على هذا في آيات الله تعالى والإيمان به اه وهو كما ترى، و {مَا} مطلقًا نافية والباء بمعنى في ومن صلة، وقيل: ما للاستفهام الإنكاري ومن بيانية، وجوز أن تكون صلة أيضًا وفيه تطويل المسافة وطيها أولى {إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَّكُمْ بَيْنَ يَدَىْ عَذَابٍ شَدِيدٍ} هو عذاب الآخرة فإنه صلى الله عليه وسلم مبعوث في نسم الساعة وجاء {بعثت أنا والساعة كهاتين} وضم عليه الصلاة والسلام الوسطى والسبابة على المشهور.
{بَيْنَ يَدَىْ عَذَابٍ شَدِيدٍ قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مّن أَجْرٍ} أي مهما سألتكم من نفع على تبليغ الرسالة {فَهُوَ لَكُمْ} والمراد نفي السؤال رأسًا كقولك لصاحبك إن أعطيتني شيئًا فخذه وأنت تعلم أنه لم يعطك شيئًا، فما شرطية مفعول {سَأَلْتُكُمْ} وهو المروى عن قتادة، وقيل هي موصولة والعائد محذوف ومن للبيان، ودخلت الفاء في الخبر لتضمنها معنى الشرط أي الذي سألتكموه من الأجر فهو لكم وثمرته تعود إليكم، وهو على ما روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما إشارة إلى المودة في القربى في قوله تعالى: {قُل لاَّ أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ المودة في القربى} [الشورى: 3 2] وكون ذلك لهم على القول بأن المراد بالقربى قرباهم ظاهر، وأما على القول بأن المراد بها قرباه عليه الصلاة والسلام فلأن قرباه صلى الله عليه وسلم قرباهم أيضًا أو هو إشارة إلى ذلك وإلى ما تضمنه قوله تعالى: {مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلاَّ مَن شَاء أَن يَتَّخِذَ إلى رَبّهِ سَبِيلًا} [الفرقان: 7 5] وظاهر أن اتخاذ السبيل إليه تعالى منفعتهم الكبرى، وجوز كون ما نافية ومن صلة وقوله سبحانه: {فَهُوَ لَكُمْ} جواب شرط مقدر أي فإذا لم أسألكم فهو لكم، وهو خلاف الظاهر.
وقوله تعالى: {إِنْ أَجْرِىَ إِلاَّ عَلَى الله} يؤيد إرادة نفي السؤال رأسًا.
وقرئ {إِنْ أَجْرِىَ} بسكون الياء {وَهُوَ على كُلّ شيء شَهِيدٍ} أي مطلع فيعلم سبحانه صدقي وخلوص نيتي.
{قُلْ إِنَّ رَبّى يَقْذِفُ بالحق} قال السدي وقتادة: بالوحي، وفي رواية أخرى عن قتادة بالقرآن والمآل واحد؛ وأصل القذف الرمي بدفع شديد وهو هنا مجاز عن الإلقاء، والباء زائدة أي إن ربي يلقي الوحي وينزله على قلب من يجتبيه من عباده سبحانه، وقيل القذف مضمن معنى الرمي فالباء ليست زائدة، وجوز أن يراد بالحق مقابل الباطل والباء للملابسة والمقذوف محذوف، والمعنى إن ربي يلقى ما يلقى إلى أنبيائه عليهم السلام من الوحي بالحق لا بالباطل.
وعن ابن عباس إن المعنى يقذف الباطل بالحق أي يورده عليه حتى يبطله عز وجل ويزيله، والحق مقابل الباطل والباء مثلها في قولك قتلته بالضرب، وفي الكلام استعارة مصرحة تبعية والمستعار منه حسي والمستعار له عقلي، وجوز أن تكون الاستعارة مكنية، وقيل: المعنى يرمي بالحق إلى أفقطار الآفاق على أن ذلك مجاز عن إشاعته فيكون الكلام وعدًا بإظهار الإسلام وإفشائه، وفيه من الاستعارة ما فيه {علام الغيوب} خبر ثان أو خبر مبتدأ محذوف أي هو سبحانه علام الغيوب أو صفة محمولة على محل إن مع اسمها كما جوزه الكثير من النحاة وإن منعه سيبويه أو بدل من ضمير {يَقْذِفُ} ولا يلزم خلو جملة الخبر من العائد لأن المبدل منه ليس في نية الطرح من كل الوجوه، وقال الكسائي: هو نعت لذلك الضمير ومذهبه جواز نعت المضمر الغائب.
وقرأ عيسى وزيد بن علي وابن أبي إسحاق وابن أبي عبلة وأبو حيوة وحرب عن طلحة {عِلْمَ} بالنصب فقال الزمخشري: صفة لربي، وقال أبو الفضل الرازي: وابن عطية: بدل، وقال الحوفي: بدل أو صفة، وقيل نصب على المدح.
وقرأ ابن ذكوان وأبو بكر وحمزة والكسائي {الغيوب} بالكسر كالبيوت، والباقون بالضم كالعشور وهو فيهما جمع، وقرىء بالفتح كصبور على أنه مفرد للمبالغة.
{قُلْ جَاء الحق} أي الإسلام والتوحيد أو القرآن، وقيل السيف لأن ظهور الحق به وهو كما ترى {وَمَا يُبْدِىء الباطل} أي الكفر والشرك {وَمَا يُعِيدُ} أي ذهب واضمحل بحيث لم يبق له أثر مأخوذ من هلاك الحي فإنه إذا هلك لم يبق له إبداء أي فعل أمر ابتداء ولا إعادة أي فعله ثانيًا كما يقال لا يأكل ولا يشرب أي ميت فالكلام كناية عما ذكر أو مجاز متفرع على الكناية، وأنشدوا لعبيد بن الأبرص:
أقفر من أهله عبيد ** فاليوم لا يبدىء ولا يعيد

وقال جماعة: الباطل إبليس وإطلاقه عليه لأنه مبدؤه ومنشؤه، ولا كناية في الكلام عليه، والمعنى لا ينشىء خلقًا ولا يعيد أو لا يبدىء خيرًا لأهله ولا يعيد أي لا ينفعهم في الدنيا والآخرة، وقيل هو الصنم والمعنى ما سمعت، وعن أبي سليمان أن المعنى إن الصنم لا يبتدىء من عنده كلامًا فيجاب ولا يرد ما جاء من الحق بحجة.
و {مَا} على جميع ذلك نافية، وقيل: هي على ما عدا القول الأول للاستفهام الإنكاري منتصبة بما بعدها أي أي شيء يبدىء الباطل وأي شيء يعيد ومآله النفي، والكلام جوز أن يكون تكميلًا لما تقدم وأن يكون من باب العكس والطرد وأن يكون تذييلًا مقررًا لذلك فتأمل. اهـ.

.قال ابن عاشور:

{قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ}.
افتتح بالأمر بالقول هنا وفي الجُمل الأربع بعده للاهتمام بما احتوت عليه.
وهذا استئناف للانتقال من حكاية أحوال كفر المشركين وما تخلل ذلك من النقض والاستدلال والتسلية والتهديد ووصف صدودهم ومكابرتهم إلى دعوتهم للإِنصاف في النظر والتأمل في الحقائق ليتضح لهم خطؤهم فيما ارتكبوه من العسف في تلقي دعوة الإِسلام وما ألصقوا به وبالداعي إليه، وأرشدوا إلى كيفية النظر في شأنهم والاختلاء بأنفسهم لمحاسبتها على سلوكها، استقصاء لهم في الحجة وإعذارًا لهم في المجادلة {ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حَيِي عن بينة} [الأنفال: 42].
ولذلك اجتلبت صيغة الحصر ب {إنما} أي ما أعظكم إلا بواحدة، طيًّا لبساط المناظرة وإرساء على الخلاصة من المجادلات الماضية، وتقريبًا لشقة الخلاف بيننا وبينكم.
وهو قصر إضافي، أي لا بغيرها من المواعظ المفصلة، أي إن استكثرتم الحجج وضجرتم من الردود والمطاعن فأنا أختصر المجادلة في كلمة واحدة فقد كانوا يتذمرون من القرآن لأبي طالب: أمَا ينتهي ابن أخيك عن شتم آلهتنا وآبائنا.
وهذا كما يقول المناظر والجدلي بعد بسط الأدلة فيقول: والخلاصة أو والفذلكة كذا.
وقد ارتكب في هذه الدعوة تقريب مسالك النظر إليهم باختصاره، فوصف بأنه خصلة واحدة لئلا يتجهّموا الإِقبال على هذا النظر الذي عقدوا نياتهم على رفضه، فأعلموا بأن ذلك لا يكلفهم جهدًا ولا يضيع عليهم زمنًا فَلْيتأملوا فيه قليلًا ثم يقضوا قضاءهم، والكلام على لسان النبي صلى الله عليه وسلم أمره الله أن يخاطبهم به.